Publications

Sports Law – Basketball Arbitral Tribunal (BAT)

05-02-2021 الحل السريع والفعّال للمنازعات أمام محكمة التحكيم لكرة السلة – المجلة القضائية

إعتبر  Andreas Zagklis  الأمين العام للإتحاد الدولي لكرة السلة، أن محكمة التحكيم لكرة السلةBasketball Arbitral Tribunal (BAT)  هي ثاني أكثر المحاكم الرياضية التي يتم اللجوء إليها بعد محكمة التحكيم الرياضيةCourt of Arbitration for Sport (CAS)  . هي هيئة مستقلة معترف بها رسميًا من قبل الاتحاد الدولي لكرة السلة FIBAومحددة في نظامه الأساسي[1] العام وتقدم خدمات لحل النزاعات بين اللاعبين، الوكلاء، المدربين والأندية بسرعة، فعالية ودون تعقيدات، عن طريق التحكيم. وقد تم تأسيسها عام 2006 على يدDr. Dirk-Reiner Martens    ومقرها الرئيسي في جينيف لكن تدير نشاطها في إدارة ملفات التحكيم من مكاتبها الإدارية في ميونيخ. قبل ظهور ال BAT كانت الانتهاكات التي تحصل على عقود اللاعبين، المدربين والأندية وسائر أفراد نشاط لعبة كرة السلة تبقى دون عقاب ودون ملاحقة في كثير من الأحيان. فقد كان على الفريق المتضرر أن يمضي سنوات عديدة في الدفاع عن حقوقه متكبداً تكاليف باهظة أمام نظام قضائي مدني مجهول بالنسبة إليه[2]. مع ظهور ال BATتغيّر الموضوع وإرتفع مستوى إحترام العقود وتم ضمان إحترام إستمرارية اللعبة أكثر، فدخلت السرعة إلى عالم حل النزاعات في كرة السلة عبر إحالة الملفات التي تحتوي على بند تحكيمي[3] خاص الى ال BAT . وتعتمد هذه الأخيرة نظام التحكيم وفق القانون السويسري وقواعد العدل والإنصاف[4]ex aequo et bono عبر تكليف محكّم واحد[5] يعينه رئيس ال BAT. ويعتبر إعتماد نظام المحكم الواحد ذات منافع عدة أهمها توفير المال وتسهيل القرار على الفرقاء في اللجوء الى التحكيم[6]. وتتم الإجراءات التحكيمية عن بعد بواسطة تبادل الدفاعات عبر البريد الإكتروني ودون الحاجة لعقد جلسات إلا بحالات نادرة وبشروط محددة، مع حفظ حق المحكّم في إتخاذ تدابير إحتياطية لحفظ الحقوق. ويتخذ المحكّم القرار النهائي في غضون ستة أسابيع تلي انتهاء الإجراءات وتبادل اللوائح بحيث لا تتعدى العملية إجمالاً مدة ستة أشهر من تاريخ تقديم الملف التحكيمي مستوفياً كافة الشروط الشكلية.

نعيش اليوم في عالم محكوم بالعمل السريع. الوقت ثمين ولا مجال لإضاعته. فكيف الحال في عالم الرياضة الذي يسير سريعاً على كافة الأصعدة؟ الدوريات لا تنتظر؛ التنافس لا يتوقف؛ عمر اللاعب في الملاعب قصير وإستثمارات الأندية ضخمة… وفي نظرة سريعة على الواقع القضائي العادي نجد أن غالبية إستطلاعات الرأي العالمية تظهر أنه حتى في البلدان الأكثر تطوراً لا يلقى عمل المؤسسات القضائية وسرعتها وإنتاجيتها إرتياحاً شعبياً. على سبيل المثال في العام 2013 إعتبر 95% من الفرنسيين أن الإجراءات القضائية وبالتالي العدالة بطيئة  و55% يجدونها غير فعّالة 95% طالبوا بتقصير المهل القضائية وتسريع المحاكمات[7]. في العام 2017 وجد  أكثر من 63% من الفرنسيين أن العدالة سيئة أو سيئة كثيراً مقابل 34% إعتبروها مقبولة و3% فقط وصفوها بأنها جيدة جداً.

كيف نجح الBAT  في تمكين اللاجئين إليه من الإنتصار في أكبر معركتين تواجه كل طلاب العدالة: معركة الإجراءات القضائية ومعركة تنفيذ الحكم أي تأمين الوصول الى الحق أو تحويل النصر القضائي الورقي الى مكسب ملموس؟ 

من ناحية اولى، إستطاعت هذه المحكمة تسهيل النصر الأول عبر تأمين سرعة الإجراءات من خلال إعتمادها نظام التحكيم وفق القانون السويسري الذي يحرر المحكم من تطبيق القوانين الوطنية وبالتالي تطبيق قواعد العدل والإنصاف ex aequo et bono الأمر الذي سهّل مهمة المحكم الذي صار ينكب في مهمته على تطبيق قواعد العدل العامة دون الحاجة الى التفتيش عن القوانين اللازمة التطبيق الأمر الذي يعطيه دوراً كبيراً وواسعاً ويسهّل مهمته. فالمحكم يستطيع أن يستبعد تطبيق مادة يجدها لا تؤمن العدالة أو أن يسد ثغرة في القانون الدولي العام… وما يسرّع الإجراءات أمام الBAT هو كونها تخضع لقواعد صارمة من ناحية المهل التي تعطى للتبادل والتي لا يمكن تخطيها تحت طائلة الرد، إضافة الى حصرية التبادل عبر البريد الإلكتروني لكافة اللوائح، حيث يصار فقط عند الحكم إرسال نسخة أصلية عنه بواسطة البريد العادي بعد إبلاغه للأطراف بالبريد الإلكتروني. كما أن نهائية الأحكام الصادرة عن الBAT وعدم قبولها للطعن أو الإلغاء إلا في حالات نادرة جداً (مثل أن لا يكون المحكم قد عيّن بصورة قانونية أو إذا حَكم بما يتجاوز المطالبات المقدمة إليه أو لم يبت في أي من المطالبات  أو لم يحترم مبدأ المساواة في المعاملة بين الطرفين …) زاد من فعالية هذه المحكمة كثيراً. وفيما يتعلق بمصاريف التحكيم فإنها تتراوح بين 1500 و7000 يورو حسب قيمة المطالبة، وأتعاب المحكم تتراوح بين 4000 و12000 يورو. وقد بلغ عدد الملفات التي تقدمت أمام ال BAT بين العامين 2007 و2019 ، 1450 ملفاً مع إزدياد سنوي لعدد الملفات[8] الأمر الذي يدل على نجاح هذا النظام وتعاظم ثقة اللاعبين والمدربين والأندية به. 

من ناحية ثانية، إستطاعت هذه المحكمة تحقيق النصر الثاني المتمثل بتسريع تنفيذ الأحكام فعلياً وإيصال أصحاب الحق الى حقّهم. فبعد المعركة الأولى التي يخوضها صاحب الحق ضد بطء الإجراءات القضائية وتعقيداتها وتكاليفها، يواجه لاحقاً معركة من نوع آخر بعد صدور الحكم وهو خطر الغرق في إجراءات التنفيذ وعدم وصوله الى حقه. في نظام الBAT تم تجنب هذه المعركة الثانية ووجدنا أن الرابح لا يجد في غالبية الأحيان حاجة للجوء إلى الوسائل التقليدية لتنفيذ الأحكام أمام السلطات المدنية بل يستفيد من العقوبات التي يفرضها الإتحاد الدولي لكرة السلة[9] على كل من يتخلف عن تنفيذ الأحكام التي تصدر عن الBAT . تختلف هذه العقوبات بالنظر الى الجهة الموجهة إليها، فإذا كان لاعباً هو من تمنع عن تنفيذ منطوق القرار التحكيمي فيمكن للإتحاد الدولي لكرة السلة أن يعاقب اللاعب بحرمانه من المشاركة في بطولات معينة، أما إذا كان نادياً هو من تمنّع عن تنفيذ حكم ما فيمكن أن يعاقبه الإتحاد المذكور بحرمانه من المشاركة في بطولات معينة أو بمنعه من التوقيع مع لاعبين جدد أو بفرض غرامة مالية عليه. ويمكن سحب الرخصة من كل وكيل يمتنع عن تنفيذ حكم ما كما يمكن فرض غرامة على الإتحادات الوطنية التي تتخلف عن القيام بدورها في حث اللاعبين أو الأندية على الإلتزام بتنفيذ القرارات التحكيمية.

بالخلاصة، إن فعالية محكمة التحكيم لكرة السلة تتعدى إذا السرعة في الإجراءات وتصل الى معالجة أصل وغاية النزاع أي تحقيق المطالب بشكل ملموس. ماذا ينفع طالب التحكيم إذا ربح حكماً لا يمكن ترجمته على أرض الواقع؟ ما نفع سرعة الإجراءات إذا لم تقترن بسرعة التنفيذ؟ إن العمل التشاركي الذي تؤمنه هذه المحكمة مع الإتحاد الدولي لكرة السلة ينتج حلاً كاملاً متكاملا ً قائم على تسريع الإجراءات وتأمين فعالية الأحكام عبر ضمان تنفيذها. هنا يكمن سرّ النجاح. فمنذ إنطلاق العمل بهذه المحكمة تغيّرت القواعد التي تحكم علاقة اللاعبين والمدربين والوكلاء بالأندية وأصبح الجميع أمام مسؤوليات محددة تجبرهم على إحترام عقودهم تحت طائلة العقاب السريع والمباشر، الأمر الذي يجعل من العدالة المحققة سبيلاً نحو الحفاظ على لعبة كرة السلة وضمان تطورها.